مريم ياسين الحمادي: نسعى لاستكشاف معوقات المساهمة في «النهضة الإنسانية»
د. عائشة المناعي: الحضارة الإسلامية تعترف بالآخر وتؤمن بحرية الاختلاف
د. نزار شقرون: الخزانة الإسلامية اتسعت لوظائف لم تعرفها «الأمم السابقة»

عقدت وزارة الثقافة، مساء أمس، ندوة فكرية بعنوان «تأثير الحضارة الإسلامية على الإنسانية»،  بالتزامن مع استضافة قطر لأعمال المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي تنظمه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» على مدى يومين.


شارك في الندوة كل من سعادة الدكتورة عائشة بنت يوسف المناعي مديرة مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة بجامعة حمد بن خليفة، والكاتب والأكاديمي التونسي الدكتور نزار شقرون.
وأوضحت السيدة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة، خلال تقديمها للندوة أنها تسعى إلى تقديم مقاربة فكرية عميقة للأسباب الكامنة وراء الريادة الحضارية التي حققتها ثقافتنا الإسلامية في الماضي، واستكشاف المعوقات التي عطلت الثقافة الإسلامية عن المساهمة الفاعلة في حركة النهضة الإنسانية، والتجديد الحضاري الكوني الذي نشهده منذ أقل من قرنين من الزمن.
ومن جانبها، أكدت سعادة الدكتورة عائشة المناعي أن الحضارة الإسلامية، قد نظرت للإنسان على أنه يرجع إلى أصل واحد، وهذا منطوق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ذكرت هذا المبدأ، ومن ذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس لآدم، وآدم من تراب...».
وأشارت إلى أن الحضارة الإسلامية تؤمن بالاهتمام بالمحافظة على الإنسان جسدا وعقلا وروحا، في حين تهتم الحضارة الغربية بالجسد والعقل دون الروح.
وأضافت أن الحضارة الإسلامية نجحت في الإشراق في مختلف الأماكن على اختلاف البيئات انطلاقا من مبدأ التوحيد، حيث اكتسحت العالم من شرقه إلى غربه في غضون 80 عاما فقط، كونها ترتكز على المساواة بين البشر جميعا وبين المخاطبين بالشريعة الإسلامية، فلا فرق بين الناس إلا بالتقوى، منوهة بأن الحضارة الإسلامية إنسانية في ثقافتها وتقوم على العدالة والحرية التي لا تصطدم بالحق أو بالمصلحة العامة.
وأضافت أن الحضارة الإسلامية تعترف بالآخر وثقافته فيما ترفضه حضارات أخرى، وتؤمن بالتعددية وحرية الاختلاف، وترك الأمر لعلاقة الإنسان الآخر بربه، الذي أمر بالدعوة إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، مؤكدة أنها الهوية الوحيدة القادرة على فتح المجال للإبداع والحركة والعمل، ومجاهدة النفس ضد المنكر.
وتحدثت الدكتورة عائشة المناعي عن إسهامات الحضارة الإسلامية في الفكر والعلوم الإنسانية، مشددة على أن الإسلام دعا إلى الأخذ بأسباب العلم في إطار الأخلاق والقيم، مشيرة في هذا الصدد إلى كثير من النماذج الإسلامية التي كان لها إسهام وإبداعات حضارية على الحضارة الإنسانية.
كما تناولت مديرة مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة بجامعة حمد بن خليفة، جهود المركز في التعريف بالإسهامات الحضارية لعلماء المسلمين من خلال الطباعة والترجمة وغيرها.
وتحت عنوان «محركات التجديد في التاريخ الثقافي الإسلامي.. سردية الخزانة والمفتاح»، جاءت كلمة الدكتور نزار شقرون التي تساءل فيها حول لماذا نفكر في التجديد؟ وهل السير في اتجاهه يعني بالضرورة إقرارا بوجود أزمة في خطابنا الثقافي وقبله في فكرنا وممارستنا؟، مشيرا إلى أن مختلف الحضارات على مر العصور واجهت مسألة التجديد بقدر ما واجهت التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليست تلك المواجهة مؤشرا على وقوعها في أزمات متتالية فحسب، وإنما هي علامة على أن الحضارات مجبولة على التحولات، وهي في سبيل بقائها وديمومتها تقبل بتلك التحولات.
وأضاف أن تاريخنا الثقافي العربي الإسلامي شهد أزمات كثيرة، ولا يزال حتى الآن يعتصر فيها بأشكال مختلفة، كما أن سؤال «التجديد» رافق ذلك التاريخ ليسطر منعطفاته ومفاصله التي تحتاج إلى مزيد من التدبر والاستقراء والدراسة بالتحليل والتفكيك، مؤكدا أن ما يهمنا في العودة إلى التاريخ هو الوقوف عند تلك المحركات التي شكلت بنية العقل على مدى قرون، وأكسبت ثقافتنا العربية الإسلامية القدرة على التجدد.
واستعرض شقرون خلال مشاركته جهود الحضارة الإسلامية وإسهاماتها عبر مختلف العصور الإسلامية في مجالات العلوم والفنون والآداب، حيث كانت الخزانة في العالم الإسلامي هي مستودع العلوم، وكان الحرص على «الخزانة» نوعا من إعلاء مكانة «الكتاب» في حضارتنا، ولم تكن «الخزانة» لدى المسلمين مجرد مستودع يحفظ تراث معارف الأمم الأخرى فحسب، مؤكدا أن الفضل الكبير للخزانة الإسلامية أنها اتسعت لوظائف لم تعرفها خزائن الأمم السابقة، فعلاوة على تنشيط حركة الترجمة، تحولت «الخزانة» إلى حاضنة للنقاشات العلمية.
وشدد على أن التجديد لا يكون إلا بالحث على استعادة «فكر الخزانة» بأشكاله الأكثر تطورا اليوم، ومن ذلك استعادة المكتبات الوطنية والمكتبات العامة والخاصة لدورها في أن تكون مراكز إشعاع علمي وحاضنة للمفكرين والعلماء في مختلف المجالات.
وشهدت الندوة، التي حضرها جمع من المثقفين، مناقشات كثيرة حول الموضوع، كان أبرزها مداخلة الشاعر الدكتور حسن النعمة التي أكد فيها أن الحضارة الإسلامية الزاهرة تحتاج اليوم إلى مواصلة البناء على ما قدمه السابقون، مؤكدا أن استضافة الدوحة لمؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي يشكل جزءا من هذا التحرك الفعال، حيث يبحث في تجديد الفكر الثقافي الذي يعيد حضارتنا إلى النهضة والصدارة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر وزارة الثقافة الحضارة الإسلامية مؤتمر وزراء الثقافة العالم الإسلامی على أن حمد بن

إقرأ أيضاً:

أهل مصر .. جولة تثقيفية لشباب ملتقى المحافظات الحدودية بالداخلة

 

 

انطلقت، اليوم السبت، أولى الجولات التثقيفية بالملتقى الثقافي الـ 13 لشباب المحافظات الحدودية بمدينة القصر الإسلامية الأثرية بالداخلة، ضمن مشروع "أهل مصر"، المقام برعاية د. نيفين الكيلاني وزير الثقافة، واللواء محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، ضمن برنامج احتفاء وزارة الثقافة بالمحافظة عاصمة الثقافة المصرية لعام 2023.

وخلال الجولة التفقدية داخل المدينة استمع الشباب إلى شرح عن تاريخ المدينة، التي يرجع تاريخ بنائها إلى العصر الأيوبي، منذ أكثر من 900 عام، وتعد من أقدم المدن الإسلامية في مصر، إلا أن نشأتها كمستوطنة يرجع إلى ما قبل العصر الإسلامي.

وأوضح الشرح أن المدينة تمتاز ببنائها المعماري وتصميماتها الإسلامية الفريدة، وسميت بالقصر نظرا لما كان بها من منشآت ومبان مرتفعة، ووجود بقايا معبد مصري قديم، وتعد نقطة التقاء عدة دروب قديمة، وكانت إحدى الدروب المهمة في الحج، كما كانت عاصمة الواحات وقت الأشرف قايتباي ومقرا لكثير من الأمراء في العصر العثماني، وقد شيدت فوق تل مرتفع، وشيدت مبانيها من الطوب اللبن، الملائم للبيئة وهي بذلك تعد واحدة من أهم نماذج العمارة التقليدية في مصر وبمثابة متحف مفتوح ومركز للاستشفاء، واستمع الشباب لشروح أخرى حول طرز المعمار وأهم المنشآت الموجودة بالمدينة.

حضر  الجولة د. حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، أحمد يسري مدير عام ثقافة الشباب والعمال والمشرف التنفيذي للملتقى.

ويقام الملتقى ضمن مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية، للتعريف بالتراث والثقافة المحلية، والحفاظ على الهوية الثقافية، وتعزيز قيمة الانتماء للوطن. ودعم مواهب أبناء المحافظات الحدودية، وينظم بالتعاون مع فرع ثقافة الوادي الجديد برئاسة ابتسام عبد المريد، التابع لإقليم وسط الصعيد الثقافي.

ويهدف الملتقى للدمج الثقافي بين شباب 6 محافظات حدودية وهي: شمال وجنوب سيناء، أسوان، الوادي الجديد، البحر الأحمر (الشلاتين وحلايب وأبو رماد)، مطروح، القاهرة (الأسمرات) يستمر حتى 30 نوفمبر الحالي.

مقالات مشابهة

  • «الأوقاف» تعلن انطلاق الجولة الخامسة لتصفيات المسابقة الثقافية الكبرى
  • «الأوقاف» تعلن نتيجة المجموعة الرابعة من مسابقة مراكز الثقافة الإسلامية
  • مشاركة 70 مزارعا في ندوة عن تأثير التغيرات المناخية على الزراعات بكفر الشيخ
  • بعد افتتاح معرض "مصر اد الدنيا".. تامر عبد المنعم: يحاكي عظمة الحضارة الفرعونية وامتدادها عبر العصور
  • اللجنة الوزارية العربية-الإسلامية تبحث مع وزير خارجية إسبانيا مساعي وقف الحرب في غزة واستمرار المساعدات
  • ‏اللجنة الوزارية العربية-الإسلامية تبحث مع وزير خارجية إسبانيا جهود الوصول لوقف مستدام لإطلاق النار بغزة
  • «BisB» راعيًا ذهبيًا للنسخة 18 من مؤتمر أيوفي السنوي
  • بنك نزوى يؤكد التزامه بتطوير قطاع التمويل الإسلامي
  • ورش في الإبداع والفن التشكيلي بجمعية الثقافة والفنون بالدمام 
  • أهل مصر .. جولة تثقيفية لشباب ملتقى المحافظات الحدودية بالداخلة