قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن مصر "سوف تنزف" احتياطاتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، بينما أشادت بالخطوات الأخرى التي اتخذتها مصر -التي تعد ثاني أكبر مقترض من الصندوق- لتصحيح اقتصادها المنكوب.

وخفّضت مصر قيمة الجنيه 3 مرات منذ أوائل عام 2022، حيث فقدت العملة ما يقرب من نصف قيمتها مقابل الدولار.

وقالت جورجيفا إنها تؤخر ما لا مفر منه، وكلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ.

وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي لموقع بلومبيرغ الأميركي أنه "كلما تمكنا من التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة الطريق لهذا الأمر بشكل أسرع؛ كان ذلك أفضل". وقالت إن "المسألة هنا بسيطة للغاية. سوف تنزف مصر الاحتياطي المخصص لحماية الجنيه، لكن المشكلة أنه لا البلد ولا البيئة بشكل عام في وضع يسمح بذلك".

وكان صافي الاحتياطيات الدولية لمصر قد انخفض العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ عام 2017 قبل أن يستقر في الأشهر الأخيرة؛ حيث وصل إلى 35 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي، وما يزال منخفضا بأكثر من الخُمس منذ أعلى مستوى له عام 2020.

كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي (الأناضول)

ويرى صندوق النقد الدولي أن هناك احتمالات أكبر للهبوط الناعم وسط النمو العالمي غير المتكافئ، ورغم ذلك، فإن الحفاظ على استقرار الجنيه جاء بتكلفة، حيث أدى إلى استنزاف اقتصاد النقد الأجنبي من خلال سحب صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية، والتي تقلصت في أغسطس بأكثر من 5% إلى 13.1 مليار دولار، وفقا لحسابات شركة "إتش سي ريسيرتش" (HC Research) ومقرها القاهرة. ومع ذلك، قالت جورجيفا إن مراجعة صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار في البلاد تحرز تقدما.

وقف سداد الديون

من ناحية أخرى، قالت جورجيفا إن الوضع في تونس -وهو اقتصاد مضطرب آخر في شمال أفريقيا وفق بلومبيرغ- أقل خطورة لكنه لا يزال بحاجة إلى إجراءات عاجلة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بحزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار من البنك.

وأضافت أن إعادة هيكلة الديون ليست مطلوبة لأنها "ليست معلقة بعد على الهاوية". ومع ذلك، "كلما أسرعت الدولة في اتخاذ بعض التدابير لتعزيز وضعها المالي، وتعزيز أدائها الاقتصادي العام، كلما كان ذلك أفضل".

وتتمتع مصر وتونس ببعض من أعلى عوائد السندات في العالم، مما يؤكد مدى قلق المستثمرين من امتلاك ديونهم. ويبلغ متوسط عائد الأوراق النقدية المصرية بالدولار 18.5%، وفقا لمؤشرات بلومبيرغ، في حين يتم تداول السندات التونسية المستحقة في عام 2025 بأكثر من 40%.

وقالت جورجيفا، إذا انتقلنا إلى الجنوب من القارة، فإن كلا من زامبيا وغانا، الدولتين اللتين تخلفتا عن سداد ديونهما، بانتظار المزيد من الدعم. وأضافت أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ على مذكرة تفاهم مع الدائنين الثنائيين لزامبيا وسيتم التوقيع عليها بعد الانتهاء من بعض التفاصيل.

وتخضع غانا، التي حصلت على دعم بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمراجعة أولى لهذا البرنامج وسيتم الانتهاء من هذه المراجعة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وفقا لجورجيفا.

واعتبرت أن "غانا في حالة جيدة بالفعل" وأن اقتصادها في وضع أفضل بكثير. وقالت "آمل بشدة أن نتمكن من الحصول على هذا المبلغ"، في إشارة إلى شريحة بقيمة 600 مليون دولار من أموال صندوق النقد الدولي من المقرر صرفها في نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي اعتراف بالصعوبة التي تواجهها العديد من أفقر دول العالم في سداد ديونها، قالت جورجيفا إنها تدعم فكرة تعليق سداد الديون عندما تتعرض البلدان لكوارث مناخية. وقالت "إذا حدثت كارثة طبيعية، فلن تضطر البلاد إلى الاختيار بين إنقاذ الأرواح والدفع للدائنين". "نحن جميعا بحاجة إلى التفكير في كيفية تعاملنا مع خدمة الديون في عالم يشهد كوارث مناخية أكثر تواترا وتدميرا".

بيع أصول الدولة

وكان صندوق النقد الدولي قد أفاد بأن السلطات المصرية باتت أكثر جدية بشأن تنفيذ بيع أصول للدولة بعد عدد من الصفقات البارزة، مما يسهل تنفيذ برنامج إقراض بقيمة 3 مليارات دولار من الصندوق.

ووفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، فإن الصندوق يركز الآن على كيفية إدارة مصر عملتها، فضلا عن مزيد من الوضوح بشأن الإنفاق العام الذي يشمل المشاريع الكبرى لإزالة العقبات أمام إطلاق برنامج الإقراض.

والاتفاق الذي يشكل أهمية بالغة لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 470 مليار دولار، والذي لا يزال عالقا في أزمة العملة الأجنبية بعد عام تقريبا من توصل صندوق النقد ومصر إلى اتفاقهما، أصبح على المحك.

وأشار التقرير إلى أن وتيرة برنامج صندوق النقد تبدو بمثابة مؤشر على قدرة مصر على الخروج من أسوأ أزماتها منذ سنوات. ومن شأن المراجعة أن تطلق نحو 700 مليون دولار من شرائح القروض المؤجلة، وتسمح بالوصول إلى تمويل مرن بقيمة 1.3 مليار دولار، وربما تحفز استثمارات خليجية كبيرة.

ويحرص الصندوق ومصر -ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين- على مواصلة الحوار لإرسال إشارة إيجابية إلى السوق. وبينما قال مسؤولون مصريون لبلومبيرغ إنهم واثقون من إمكانية إحراز تقدم في مراجعة برنامج إقراض الصندوق لمصر هذا العام، فإنهم لم يحددوا ما إذا كان سيتم السماح بتعويم الجنيه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی ملیار دولار دولار من

إقرأ أيضاً:

محاكمة الحكومة تثير أزمة في البرلمان.. ومعيط: أرقامنا أدق من صندوق النقد -تفاصيل

كتب- نشأت علي:

وافق مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على طلب النائب عبد الهادي القصبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن بمجلس النواب، بحذف كلمة "محاكمة الحكومة" من المضبطة.

جاء ذلك على الرغم من توضيح رئيس مجلس النواب، أن كلمة النائب عبد المنعم إمام، من باب النقد المسموح والنقد المباح، قائلًا: أرجو أن يتسع صدر الأغلبية في مواجهة المعارضة.

وتمسك عبد الهادي القصبي، بعرض الأمر للتصويت على طلب حذف الكلمة من المضبطة، وهو ما وافقت عليه الجلسة بالحذف من المضبطة.

جاء ذلك خلال الجلسة العامة للبرلمان، بعدما هاجم النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الحكومة، قائلًا: هذه ليست جلسة مناقشة الموازنة، وإنما جلسة محاكمة للحكومة، متابعًا: يشرفني أن أمثل فيها الادعاء عن شعب عظيم يستحق مستوى حياة أفضل من ذلك بكثير، مشيرًا إلى أن أرقام الموازنة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية.

وكشف النائب أن هناك نسختَين من الموازنة العامة للدولة، الأولى مع النواب، والأخرى مع صندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن هناك تقريرًا عن موازنة جديدة وفيها الجداول بناء على ما قدمته الحكومة مختلف تمامًا، لا سيما في ما يتعلق بالاستخدامات والأجور والفوائد وغيرها.

وقال عضو مجلس النواب: "أرقام بتروح لصندوق النقد الدولي، وأرقام تانية بتوصل لمجلس النواب، وهذا أمر يستوجب المحاكمة، ولا يجب السكوت عنه".

ورفض وزير المالية اتهامات النائب، مطالبًا بحذف الكلمة من المضبطة، قائلًا: نحن نلتزم بالدستور والقانون، وعندما يكون هناك تجاوز على بنود الموازنة، الحكومة تطالب بفتح اعتماد إضافي".

وأكد وزير المالية: نعمل بالشفافية والوضوح، قائلًا: "صندوق النقد الدولي يكتب اللي عايز يكتبه وهو بيعمل حساباته براحته"، موضحًا أنه من الممكن أن يكون هناك خلاف في حساب معدلات التضخم وسعر الفائدة.

وأشار وزير المالية إلى أن أرقامنا أدق من صندوق النقد الدولي، قائلًا: وكثيرًا يعدل الصندوق الأرقام بما يتماشى مع الموازنة العامة للدولة، متابعًا: "وكثيرًا نختلف مع صندوق النقد الدولي".

وجدد الوزير رفضه المطالبة بمحاكمة الحكومة بناء على معلومات من موقع صندوق النقد الدولي، مؤكدًا التزام الحكومة التام مع ما يقره مجلس النواب.

وعقب المستشار الدكتور حنفي جبالي، قائلًا: النائب طرح رأيه والحكومة أخذت حقها في الرد، مشيرًا إلى أن النائب لم يوجه أية إهانة للحكومة تستوجب الحذف من المضبطة.

وردًّا على طلب النائب إيهاب الطماوي، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، بالموافقة على طلب الحكومة بحذف الكلمة من المضبطة، أكد رئيس النواب أن النائب لم يوجه أية إهانة، موضحًا أن المحاكمة لفظ في النقد السياسي.

وأكد رئيس مجلس النواب أن وزير المالية رد بما فيه الكفاية على ما أثاره النائب.

وعقب النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب، قائلًا: مع احترامي للأغلبية، لم أذكر محاكمة سياسية، ولكن عرضت تضاربًا في الأرقام، متابعًا: هذا لفظ سياسي والمحاكمة تكون أمام القضاء.

ووجه المستشار علاء الدين فؤاد، وزير شؤون المجالس النيابية، الشكر للأغلبية بعد طلب حذف كلمة المحاكمة من المضبطة، مشيرًا إلى أن النائب يستشهد بأرقام منشورة على الإنترنت خاصة بصندوق النقد الدولي.

مقالات مشابهة

  • موقع مصري: "محاكمة الحكومة" تثير أزمة في البرلمان
  • محاكمة الحكومة تثير أزمة في البرلمان.. ومعيط: أرقامنا أدق من صندوق النقد -تفاصيل
  • مجلس النواب يحذف "محاكمة الحكومة "من المضبطة بعد تصويت نواب الأغلبية
  • خبير اقتصادي:العراق لم يسدد ديون صندوق النقد الدولي
  • المركزي: استحقاق أذون خزانة بقيمة 554.1 مليون دولار أمريكي الثلاثاء المقبل
  • وزير التموين المصري يكشف حقيقة اشتراط صندوق النقد إلغاء دعم الخبز
  • هل تعديل سعر الخبز المدعم مطلبًا من صندوق النقد الدولي؟.. الوزير يحسم الجدل
  • الشحن البحري يعاني مع تحويل مسار السفن عن البحر الأحمر وزيادة رسوم المخاطر
  • صندوق النقد الدولي يمهد الطريق لصرف 2.2 مليار دولار لأوكرانيا
  • صندوق النقد الدولي: أوكرانيا ستحصل على نحو 2.2 مليار دولار بموجب الاتفاق بشرط موافقة المكتب التنفيذي للصندوق